تحية تقدير وحب الى اعضاء منتدانا الكرام وها نحن نلتقى من جديد لستكمل سويا ما بداناة من اشهر قصص الحب عند العرب
عنتـــــــــــــــر وعبلــــــــة
أشهر قصص "المتيمين" الجاهليين قصة عنترة وعبلة، وهى قصة تستمد شهرتها من ناحيتين: من شهرة صاحبها الفارس الشاعر البطل، ثم من القصة
الشعبية التى دارت حولها.
وعلى الرغم من شهرة هذه القصة، وعلى الرغم من ضخامة القصة الشعبية التى دارت حولها وكثرة التفاصيل والحواشى بها، فإن المصادر القديمة لا
تمدنا بكثير من تفاصيلها،ولكنها - فى إطارها العام - قصة ثابتة لا شك فيها بدلالة شعر عنترة الذى يفيض بأحاديث حبه وحرمانه.
نشأ عنترة العبسي من أب عربى هو عمرو بن شداد، وكان سيدا من سادات قبيلته، وأم أجنبية هى زبيبة الأمة السوداء الحبشية، وكان أبوه قد سباها فى
بعض غزواته.وسرى السواد إلى عنترة من أمه، ورفض أبوه الاعتراف به، فاتخذ مكانه بين طبقة العبيد فى القبيلة، خضوعا لتقاليد المجتمع الجاهلى التى
تقضى بإقصاء أولاد الإماء عن سلسلة النسب الذهبية التى كان العرب يحرصون على أن يظل لها نقاؤها، وعلى أن يكون جميع أفرادها ممن يجمعون
الشرف من كلا طرفيه: الآباء والأمهات، إلا إذا أبدى أحد هؤلاء الهجناء امتيازا أو نجابة فإن المجتمع الجاهلى لم يكن يرى فى هذه الحالة ما يمنع من
إلحاقه بأبيه.
وحانت الفرصة لعنترة فى إحدى غارات طيئ على عبس، فأبدى شجاعة فائقة فى رد المغيرين، وانتزع بهذا اعتراف أبيه به، واتخذ مكانه فارساً من
فرسان عبس الذين يشار إليهم بالبنان.
ووقف طفل الحب الخالد يلقى سهامه النافذة ليجمع بين قلب عنترة وقلب ابنة عمه عبلة بنت مالك. ويتقدم عنترة إلى عمه يخطب إليه ابنته، ويقف اللون
والنسب مرة أخرى فى طريقه، فقد رفض مالك أن يزوج ابنته من رجل يجرى فى عروقه دم غير عربى، وأبت كبرياؤه أن يرضى بعبد أسود - مهما تكن
شجاعته وفروسيته - زوجاً لابنته العربية الحرة النقية الدم الخالصة النسب، ويقال إنه طلب منه - تعجيزاً له وسدا للسبل فى وجهه - ألف ناقة من نوق
الملك النعمان المعروفة بالعصافير مهراً لابنته، ويقال إن عنترة خرج فى طلب عصافير النعمان حتى يظفر بعبلة، وأنه لقى فى سبيلها أهوالا جساما،
ووقع فى الأسر،وأبدى فى سبيل الخلاص منه بطولات خارقة، ثم تحقق له فى النهاية حلمه، وعاد إلى قبيلته ومعه مهر عبلة ألفاً من عصافير الملك
النعمان. ولكن عمه عاد يماطله ويكلفه من أمره شططا، ثم فكر فى أن يتخلص منه، فعرض ابنته على فرسان القبائل على أن يكون المهر رأس عنترة، ثم
تكون النهاية التى أغفلتها المصادر القديمة وتركت الباحثين عنها يختلفون حولها، فمنهم من يرى أن عنترة فاز بعبلة وتزوجها، ومنهم من يرى أنه لم
يتزوجها، وإنما ظفر بها فارس آخر من فرسان العرب.
وفى أغلب الظن أن عنترة لم يتزوج عبلة، ولكنه قضى حياته راهبا متبتلا فى محراب حبها، يغنى لها ويتغنى بها، ويمزج بين بطولته وحبه مزاجا رائعاً
جميلاً.وهو يصرح فى بعض شعره بأنها تزوجت، وأن زوجها فارس عربى ضخم أبيض اللون، يقول لها فى إحدى قصائده الموثوق بها التى يرويها
الأًصمعى الثقة:
إما ترينى قد نحلت ومن يكن غرضاً لأطراف الأٍنة ينحل
فلرب أبلج مثل بعلك بادن ضخم على ظهر الجواد مهبل
غادرته متعفرا أوصاله والقوم بين مجرح ومجدل
لقد تزوجت عبلة من غير عنترة بعد ذلك الكفاح الطويل الذى قام به من أجلها، وأبى القدر أن يحقق للعاشقين حلمهما الذى طالما عاشا فيه. وعاش عنترة
بعد ذلك عمراً طويلا يتذكر حبه القديم، ويحن إلى أيامه الخالية،ويشكو حرمانه الذى فرضته عليه أوضاع الحياة وتقاليد المجتمع، وقد طوى قلبه على
أحزانه ويأسه، وألقى الرماد على الجمرة المتقدة بين جوانحه، وهو رماد كانت ذكريات الماضى تلح عليه من حين إلى حين، فتكشف عن الجمرة التى لم
تنطفئ جذوتها من تحته، حتى ودع الحياة، وأسدل الموت الستار على قصة حبه.
ونستطيع ان نستلخص من هذة القصة ان عنترة وهب حياتة وفنة لشيئين لفروسيتة وبطولتة من ناحية ولعبلة من ناحية وعاش يوقع على هذين
الوترين الحانا رائعة طريفة يمتزج فيها الحب بالحرب والياس بالامل والرقة بالقوة والضراعة بالكبرياء والدماء التة تنزف من قلبة بالدماء التى تنزف
من قلوب اعدائة واتخذ من عبلة سيدتة الاولى يضع بين يديها او تحت اقدامها مفاخرة وامجادة ويقدم لها شجاعتة وفتوتة تحية وقربانا ويجعل خيالها امامة
نورا يهتدى بة فى طريقة وحافزا يدفعة الى جلائل الاعمال ومحمود الفعال فيقول
سل ياعبل قومك عن فعالى ومن حضر الوقيعة والطرادا
وردت الحرب والابطال حولى تهز اكفها لاسمر الصعادا
وخضت بمهجتى بحر المنايا ونار الحرب تتقد اتقادا
وعدت مخضبا بدم الاعادى وكر الحرب قد خضب الجوادا
ويقول لها مرة اخرى /
ياعبل لولا ان اراك بناظرى ماكنت القى كل صعب منكر
ياعبل كم من غمرة باشرتها بمثقف صلب القوائم اسمر
ياعبل هل بلغت يوما اننى وليت منهزما هزيمة مدبرا
ياعبل دونك كل حى فاسالى ان كان عندك شبهة فى عنتر
فهو يفتخر ببطولاتة وانتصاراتة ويقدمها مهرا لحبها وقربانا يتقرب بة اليها ويجعلها هى القوة الدافعة له اى الامام ويخوض فى سبيلها الغمرات
والمخاطر لعلها تعجب بة وترضى عنة وتراة على حقيقتة فهو بطل شجاع خبير باصطياد الفرسان والاشداء مر الطعم اذا ظلم واذا لم يظلم فانة لين
الجانب رقيق المعاشرة حسن المعاملة يقول
ان تغد فى دونى القناع فاننى طب باخذ الفارس المستلئم
اثنى على بما علمت فاننى سمح مخالقتى اذا لم اظلم
فاذا ظلمت فان ظلمى باسل مر مذاقتة كطعم العلقم
وعنترة فارس نبيل الخلق عفيف النفس كريم السجايا وهو فوق كل ذلك كلة وفى لصاحبتة مخلص لها لاينظر الى سواها ولايبغى غيرها بل انة طوع
امرها ويتمنى ان يكرس حياتة وشجاعتة لها فيرد عنها الاذى ويبسط عليها ظل حمايتة ولا ياتى من الامور الامايرضيها
واغض طرفى ان بدت لى جاراتى حتى توارى جاراتى مأواها
اننى امرؤ سمح الخليقة ماجد لااتبع النفس اللجوج هواها
ولئن سالت بذللك عبلة اخبرت انى لااريد من النساء سواها
واجيبها اما دعت لعظيمة واعينها واكف عما ساها
بل كان اشد من ذلك انة يحبها حبا كبيرا ولايغيب خيالها عن خاطرة حتى عندما يشتد القتال وتحتتم الوقيعة ويحمى وطيس الحرب وتاخذ الدماء تسيل
من جراحة من طعنات الحرب وضربات السيوف فان ذكراها تستبد بة وصورتها تتراءى له بل انى كان يرى وميض السيف شبيها لابتسامتها المشرقة
فيتمنى لو استطاع تقبيل السيوف التى تلمع كثغرها الباسم فيقول
ولقد ذكرتك والرماح نواهل منى وبيض الهند تقطر من دمى
فوودت تقبيل السيوف لانها لمعت كبارق ثغرك المتبسم
وهو حب ظل يملا علية نفسة حتى اخر رمق من حياتة وظلت عبلة الحبيبة وخيالها وذكرياتها تلح علية حتى وهو يجود بانفاسة الاخيرة بل ان
الحرمان الذى كان يعيش فية جعلة يستقبل الموت غير اسف على الحياة ولاشى يشغلة الامصير عبلة من بعدة وافتقادها لحمايتة بعد ان يسدل الموت
ستارة علية ويحول بينة وبين سيدتة الاولى التى عاش لها ومات وهو يذكرها فيقول
فالقتل لى من بعد عبلة راحة والعيش بعد فراقها منكود
ياعبل قد دنت المنية فاندبى ان كان جفنك بالدموع يجود
يعبل ان تبكى على فقد بكى صرف الزمان على وهو حسود
ياعبل ان سفكو دمائى ففاضلى فى كل يوم ذكرهن جديد
لهفى عليك اذا بقيت سبية تدعين عنتر وهو عنك بعيد
انتهت قصتنا ولكن لم تنتهى حكايتنا عن عنترة فمها كتبنا وقلنا فهذا شى قليل جدا عنة فهو فارس وشاعر نبيل قيل فية الكثير والكثير وعاش فى العرب
وكان اغربهم وعنترة- كما جاء في الأغاني- أحد أغربة العرب، وهم ثلاثة: عنترة وأمه زبيبة، وخُفاف بن عُميْر الشّريدي وأمّه نُدْبة، والسّليك بن عمير
السّعْدي وأمه السليكة.
وصدق عمرو بن معدي كرب حين قال لاابالى من لقيت من فرسان العرب ما لم يلقانى حرها وهجيناها والحرين عامربن طفيل وعتبة بن الحارث
وبالعبدين عنترة والسليك بن السلكة.
كثيــــــــــــــر وعــــــــــــــزة
تأتي قصة "كثير عزة" لتنضم لغيرها من قصص العشاق من الشعراء الذين ألمهم عشقهم فجعلهم يبدعون أروع القصائد فيوصف الحبيب والشوق إليه، وكان كثير هو أحد أبطال العشق الذين نسبت أسمائهم إلى أسماء معشوقاتهم، وكثير بن عبدالرحمن بن الأسود بن مليح من خزاعة، هو شاعر متيم من شعراء العصر الأموي، من أهل المدينة، توفى والده وهو لا يزال صغيراً فكفله عمه، وأوكل له مهمة رعاية قطيعاً من الإبل.أما الحبيبة فهي عزة بنت حُميل بن حفص من بني حاجب بن غفار كنانية النسب كناها كثير في شعره بأم عمرو ويسميها تارة الضميريّة وابنة الضمري نسبة إلى بني ضمرة.رَأَيـتُ اِبنَةَ الضَمريِّ عَزّةَ iiأَصبَحَت كَـمُـحتَطبٍ مــا يَـلـقَ بِـالَـيلِ يَـحطِبِ وَكــانَــت تُـمَـنّـيـنا وَتــزعُــمُ iiأَنّــهـا كَبَيضِ الأَنوقِ في الصَفا المُتَنَصِّبِ وَكــانَــت تُـمَـنّـيـنا وَتــزعُــمُ iiأَنّــهـا كَبَيضِ الأَنوقِ في الصَفا المُتَنَصِّبِ |
ويقال عن قصة حبه مع عزة أنه في إحدى المرات التي كان يرعى فيها كثير إبله وغنمه وجد بعض النسوة من بني ضمرة،فسألهن عن أقرب ماء يورد إليه غنمه، فقامت إحدى الفتيات بإرشاده إلى مكان الماء وكانت هذه الفتاة التي دلته على مكانالماء هي عزة والتي اشتعل حبها في قلبه منذ هذه اللحظة وانطلق ينشد بها الشعر، وكتب بها أجمل ما قال من غزل*
إِنَّ الـمُـحِـبَّ إِذا أَحَـــبَّ iiحَـبـيـبَهُ صَدَقَ الصَفاءَ وَأَنجَزَ الموعودا الله يَــعــلَـمُ لــــو أَرَدتُ iiزِيــــادَةً فـي حُـبِّ عَـزَّةَ مـا وَجَدتُ مَزيدا رُهـبانُ مَـديَنَ وَالَّـذينَ iiعَـهِدتُهُم يَـبكونَ مِـن حَـذَرِ العَذابِ iiقُعودا لو يَسمَعونَ كَما سَمِعتُ كَلامَها خَـــرُّوا لِـعَـزَّةَ رُكَّـعًـا iiوَسُـجـودا وَالـمَيتُ يُنشَرُ أَن تَمَسَّ عِظامَهُ مَـسًّـا وَيَـخـلُدُ أَن يِــرَاكِ iiخُـلودا |